::اللهم عليك بالظالمين و أعوان الظالمين ::

الثلاثاء، 15 سبتمبر 2009

رفيدة مصطفى سليمان تحكى تفاصيل الإعتقال لوالدها المربى الفاضل


13 سبتمبر، 2009

علي باب رمضان 2009






زي ما كل الناس بتنتظر هذا الضيف الكريم كل سنه(شهر رمضان الكريم) ... كان هذا حالنا في البيت ..فكنت أنا وأخواتي نعد برنامجا بما يجب ان نتبعه في رمضان .. ونتسابق الي التفكير في كل جديد يخطر علي بالنا لنستفيد من هذه النعمه الكبيره التي حظينا بها وهي اننا علي مشارف دخول رمضان ..
وكان أبي يجلس معنا في تلك الليالي من شهر شعبان ويحدثنا عن فضل تلك الايام وكم كان الصحابه يشتاقون إلي شهر رمضان طوال السنه ...مما بث في قلوبنا اللهفه بتلك الفرحه عند مجئ رمضان الكريم ...

وفي فجر يوم الجمعه الموافق 30 شعبان 1430 ... أي قبل رمضان بيوم... سمعنا طرقا شديداً علي الباب مع الرن علي الجرس ..كانت الساعه حولي ليلا 03:30 .. أي قبل الفجر بحوالي ساعه .. كنت مستغرقه في النوم ..وكانت أختي مستيقظه تعد مطويات رمضان التي سوف نوزعها علي الجيران والاقارب .
.وكان أبي قد أتي متأخرا فوضع رأسه علي السرير ولم يلبث في النوم حتي جاءته أختي توقظه برفق قائله :
" بابا .. بابا ..اصحي .. الناس الوحشين شكلم ع الباب " .
فهم أبي مقصدها وسرعان ما لبس وفتح لهم الباب ... بالطبع تعلمون علي من أتحدث .. " أمن الدوله " ...فتح لهم أبي وقال لهم بصدر رحب :" إتفضلوا ... خدوا راحتكم " .

دخل ظابط أمن ودخل معه الساعي بتاعه..أخذوا يفتشوا كل مكان في الصالون ... كانت أختي قد أيقظتني ..فاستيقظت ولبست في الحال ..هدوء غامض كان يعم البيت أثناء حمله التفتيش المفاجئه التي شنها زوار الليل ( امن الدوله )...
أخذ الظابط يفتش في كل كتاب من الكتب العاديه التي تملأ الأسواق ... كتب رمضان وكتب السيره وكتب مؤلفات وكتب عن الدعوه ... وكأن تلك الكتب هي أداه جريمه يتهم بها المرء في هذا العصر ..
أخذ يفتش في كل كبيره وصغيره .. وكان هناك مصاحف بحوار الكتب .. فكانوا يضعون الكتب فوق المصاحف بلا إعتبار لكتاب الله الشريف ...وعندما رأت أختي ذلك انطلقت لتحضر المصاحف من تحت الكتب قائله لهم " المصاحف بس .." فرد عليها الظابط ببرود شديد : " شيل لها يابني المصاحف .." . أهـؤلاء مسلمون حقـــاً ّّ!!!!!!!

وبالرغم من القلق الشديد والبهدله العارمه التي أحدثوها في الشقة إلا أن ذلك لم يمنع بابا من إظهار كرمه وحُــسن ضيافته .. فأمرنا بإحضار 2 حاجه ساقعه ..فقدمها لهما وقال : " ماشي إتفضلوا .. دي حاجه وشغلكم حاجه تانيه .. انتو ناس ضيوف بردو .." تعجبت ُ من الموقف ولكن تعلمت ُ منه أيضاً ..

وبعد أكثر من نصف ساعه تفتيش ..قال الظابط :" عايزين كيسين كبار بقا .."
فأحضرنا له الكيسين ولم نفتح أفواههنا إحتراماً لأبي فقط .. فأخذ الساعي يملأ الكيسين بالكتب والأوراق وأنا واقفة أتحسر علي كل هذه الكتب التي لا ذنب لها أن تـُهدر بمثل هذه الطريقه ..
وإذا بالظابط يقول :" عاوزين كيس كمان .. " فقالت أختي أمامهم متعجبة : " أجيب لهم شـِوال يا بابا ؟!!!!
" فنظر إليها أبي فذهب وأحضرت كيساً ثالثاً ..
بابا موجه أول لغه إنجليزيه ..فكان يضع المذكرات والكتب الخاصه بالشغل في مكتبته الصغيره أما الكتب الاخري فكان لها مكانها الخاص في المكتبه الكبيرة ..تحوّل تفتيشهم إلي تلك المكتبه الصغيرة التي كانت تعج بالاوراق والمذكرا الانجليزيه ..
فقال لهم والدي : " دي مذكرات انجليزي وورق شغل ..الحاجات التانيه حضرتك قمت بالواجب فيها
" فرد عليه الظابط بكل برود :" ومالو بردو .. ما احنا هنجيب مترجمين .."

ثم قال لنا : " عاوزين الكمبيوتر بقي ." رد أبي وقال :" أنا ماليش في الكمبيوتر يا أستاذنا أنا بدخل أشوف الجرايد من ع النت بس .. إنما البنات شغلهم كله عليه ." خرجت أختي الكبيره من الداخل وحاولت إقناع الظابط بأن أبي لا علاقه له بالجهاز إطلاقاً وأن أبحاثنا ومقتنياتنا كلها محفوظه علي الجهاز ...
ولكن
..... دون جدوي ..فأخذوه .. لم يكتفوا بكل ما أخدوه .. أذن الفجر وكانوا مازالوا بالبيت ..فقلنا لبابا أمامهم :" يلا يا بابا عشان تصلي بينا الفجر .."

فرد الظابط وقال :" لااا .. أستاذ مصطفي هيصلي معانا في القسم "

لبس أبي .. واخذ يوصينا بصوت خافت لايسمعه إلا نحن ..بأن نجعل الأمور تسير علي مايرام وكأن أبي معنا تماماً.
.وطلب من ماما بأن تـُحضر الشنطه بها ثوبين أو ثلاثه ..وكان واقفا معهم علي الباب منتظراً الشنطه ..
وجميعنا ثابتون ..بل وفخورون بهذا الأب العظيم .. تري أعيننا تودعه بكل حب وشوق ..ولكن المـُضحك في الأمر .. أننا رأينا جيشاً جرّاراً واقفاً علي سلّم العمارة .. بينما كنا نودّع أبي ..يتسلم كل واحد منهم مكاناً قريباً من أبي ليري كيف هي حالتنا النفسيه ونحن نسلّم عليه بكل أمل وثقة في رعايه الله له بإذن الله ..وكأنهم يتعجبون ويتساءلون :" كيف هؤلاء البنات الأربعه بهذا الثبات ؟؟ وكيف هي تلك الزوجه القويه التي تري زوجها مقبوض عليه ولا تبكي ؟؟!!! " .

أخذوا بابا ... ما إن قفلنا الباب حتي اجتمعنا نحن الأربعة مع ماما .. ونحن في ذهولٍ تام ..لماذا الآن ؟؟؟ وماذا فعلوا ؟؟؟ لم يكن هناك أي مبررات ..فلم نكن في وقت إنتخابات أو مظاهرات ... كنا نستقبل رمضان الإيمان .. ولكن شاء ربنا أن نستقبله رمضان الإعتقال ... بكينا كثيرا ..فلقد افتقدنا أباً ومُـعلماً ..ولكن علمنا أن ذلك قدر ربنا .. فاستراحت أنفسنا ... فهو في معيــة الله وحفظه ..هو وجميع الأخوه التي تم القبض عليها في ذلك الوقت ...صلينا الفجر جماعه مع أمي ودعينا الله كثيرا بأن يرجع لنا بابا قريباً..
رد المدونة
نعتذر للدكتورة رفيدة عن عدم الإستئذان فى نقل البوست ، و لكن وجدنا ان البوست معبر جدا و صادق و يحمل فى طياته الكثير من العبر
فعذرا يا دكتورة رفيدة

blogger templates | Make Money Online